القائمة الرئيسية

الصفحات

العقود الجارية | الخصاىص الجوهرية للعقود الجارية والتي في طور التنفيذ

 

العقود الجارية أو اللتي في طور التنفيذ
العقود الجارية

العقود الجارية | الخصاىص الجوهرية للعقود الجارية والتي في طور التنفيذ


يقصد العقود الجارية تلك الإتفاقيات التي تحدث بين إرادتين أو أكثر ولم يتم فسخها بموجب حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به بعد فتح مسطرة التسوية القضائية بل قرر السنديك والمحكمة مواصلتها حتى ما كان منها إداريا او مبنيا على الإعتبار الشخصي.


تمتاز العقود التي في طور التنفيذ بخصائص خاصة بها نصت عليها الفقرة الرابعة من المادة 573 من مدونة التجارة تكمن في عدم إمكانية تجزئة أو قسمة العقد أو من أسباب الفسخ وجعله كأن لم يكن بمجرد صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة الإلتزام نتيجة صدور حكم فتح مسطرة المعالجة (المبحث الأول), ثم عدم الإعتداء بأي سبب التسوية القضائية (المبحث الثاني) حتى لا يكون حكم فتح مساطر المعالجة ضد المقاولة المدينة ذريعة يتخذها الدائن للتخلص من الإلتزامات العقدية المبرمة بينهما, والتي يلزم بتنفيذها رغم خضوع المقاولة لنظام الصعوبات.


المبحث الاول : عدم قابلية العقود الجارية للتجزئة


إن شرط عدم قابلية العقود الجارية للتجزئة أو القسمة بإعتبارها خاصية جوهرية منصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة 573 لا يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة العقد " إلا أن شرط عدم التجزئة هذا مطروح على مستويين : (المطلب الأول) عدم التجزئة الطبيعية والإتفاقية للعقد الجاري. (المطلب الثاني) عدم التجزئة القانونية للعقد الجاري التنفيذ.


المطلب الأول : عدم التجزئة الطبيعية والإتفاقية للعقود الجارية التنفيذ


لا يؤدي حكم فتح مسطرة التسوية القضائية إلى تجزئة العقد، حسب الفقرة الأخيرة من المادة 573 مدونة التجارة : "لا يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة... العقد، على الرغم من أي شرط تعاقدي". إلا أن هذه الفقرة تثير بعض اللبس فيما يخص شرط عدم التجزئة الذي قد يرد بالعقد الرابط بين المتعاقد والمقاولة.


فهل المنع الوارد يقع على الإلتزام غير القابل للتجزئة بحسب طبيعة محله، أم يقع على العقد المضمن الشرط عدم التجزئة بموجب السند المنشئ الإلتزام، أم يطال الإثنين معا؟


  • فبخصوص الأولى - عدم التجزئة الطبيعية للعقود الجارية بعد صدور حكم قاضي بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية فإذا ما بقينا في الإطار التقليدي للفكرة المتمثلة في عدم تجزئة الإلتزام, فإن الإلتزام وفقا للفصل 181 قانون الإلتزامات والعقود يكون غير قابل للإنقسام بسب محله إذا كان محل هذا الإلتزام شيئا أو عملا غير قابل لتجزئة مادية أو معنوية.


غير أن تطيل عدم التجزئة للعقود الجارية كان محل أخذ ورد في صفوف الفقه الفرنسي بين متردد بشأن ذلك و بین قائل به واستند هؤلاء على روح المادة 37 من قانون الفرنسي والتي توجب على المتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة على فتح المسطرة.


فاعتبروا أن هذا المقتضى واجب التطبيق على كل من عدم التجزئة الإتفاقية والطبيعية وبرورا موقفهم هذا بقرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية قضت فيه بإستبعاد التجزئة الطبيعية للعقود الجارية.


حينما أيدت قرار لمحكمة الموضوع بشأن عقد الحساب الجاري وصرحت بمايلي : "إن ميكانيزم النظام مبسط وذو ضمان سليم غير أن تعطيل عدم التجزئة الطبيعية للعقود الجارية كان محل أخذ ورد في للحساب الجاري ولايتنا قض مع استمرارية هذا الأخير عند التسوية القضائية ولا يمنع من استخلاص مبلغ احتياطي والتصريح به".


غير أن هذا القرار تم انتقاده من قبل أحد الآراء لكونه يناقض عقد الحساب الجاري ذا النظام القانوني الخاص، مما يعني حسب هذا الرأي بقابلية هذا العقد للتجزئة الطبيعة.

لكن ظل هذا التوجه حبيس رأي صاحبه، حيث تم انتقاده من قبل الفقه المغربي، والذي رأى باعتماد عدم قابلية العقود الجارية للتجزئة الطبيعية - بما فيها عقد الحساب الجاري - ليبقى النص القانوني ( المادة 573مدونة التجارة ) حاسما لكل تجزئة.


  • أما فيما يتعلق بالثانية وهي عدم التجزئة الإتفاقية للعقود الجارية بعد فتح مساطر المعالجة فإنه بالنظر إلى القواعد العامة للعقود نجد هذه الخاصية هي أكثر الإلتزامات شيوعا، وقد تكون بإرادة صريحة أو ضمنية.


إلا أنه لا يوجد ما يمنع أطراف الرابطة التعاقدية من الإتفاق على تضمين العقد شرطا يقضي بتجزئة الإلتزام تحت مبدأ العقد شريعة المتعاقدين. وبالتالي يمكن لكل منهما أن يحتج به في مواجهة الآخر، لكن شرطا كهذا - شرط التجزئة الإتفاقية للعقد - يتعطل مفعوله في قانون صعوبات المقاولة، وتحديدا في الفقرة الأخيرة من المادة 573 من مدونة التجارة.


إذ لا يجوز للمتعاقد مع المقاولة المفتوحة في وجهها مسطرة المعالجة التمسك بعدم القابلية للتجزئة الإتفاقية للعقد ضد السنديك، فهذا الشرط الناتج عن فتح التسوية يعد عديم الفعالية لأن استمرار أحد العقود لا يمثل أية فائدة بدون مواصلة العقد الأخر.


ولهذا يرى رأي في الفقه بأن تنصيص المشرع على هذا المقتضي القانوني - المادة 573- المتمثل في عدم تجزئة العقود يكمن في الحيلولة دون لجوء الإرادة الحرة للأطراف إلى تغير الإلتزامات التعاقدية، فمقتضيات هذه المادة تعد استثناء من قاعدة العقد شريعة المتعاقدين وكل اتفاق مغاير لروح المادة، لا يجد مجاله في التطبيق ولا يمكن الإحتجاج به لكون المادة 573 من مدونة التجارة تعد مقتضاياتها من صميم النظام العام لايجوز للأطراف الإتفاق على مخالفتها.


ثم أن نفس المادة قلصت من حظوظ إرادة الطرفين، ومنحت الحق للسنديك في اختيار مايراه مناسبا من عقود في هذا الباب - معالجة المقاولة - هذا مادفع ببعض الفقه إلى اعتبار أن السنديك يسمح له بتجزئة الإلتزامات والعقود المترابطة ومن ثم مواصلة عقد في استقلال عن عقد آخر مرتبط به، وذلك على الرغم من تمسك المتعاقد بعدم القابيلة للتجزئة.


تأسيسا على ما سبق, يتبين أن الخاصية الجوهرية المميزة للعقود الجارية والمتمثلة في عدم قابلية العقد الجاري للتجزئة على الرغم من كل شرط تعاقدي لا تقتصر فقط على عدم التجزئة بإرادة الأطراف المتعاقدة كما هو بين في نص المادة 573 من مدونة التجارة على الرغم من كل شرط تعاقدي.


وإنما الأمر يتعلق كذلك حتى بعدم التجزئة بحسب طبيعة محل الإلتزام، وذلك حتى لا يجد الأطراف المتعاقدة مع المقاولة منفذا يتمسكون من خلاله بالتجزئة الطبيعية للعقد مما قد ينتج عنه إضرار بمصالح المقاولة وتضعيف لذمتها المالية الشيء الذي ينعكس حتما على مصالح الدائنين ومن ضمنهم أصحاب العقود الجارية.


المطلب الثاني : عدم التجزئة القانونية للعقد الجاري التنفيذ


إن النظرية العامة للإلتزام تمنح الحق للمتعاقد، في العقود الملزمة للجانبين بتجزئة العقد تجزئة قانونية وإن كانت بصفة غير مباشرة، وذلك كلما امتنع المتعاقد الآخر عن تنفيذ التزامه، حتى يقوم هذا الأخير بتنفيذ ما التزم به إزاء الطرف الأول, فعندما يستعمل المتعاقد هذه الوسيلة فإنه يكون قد قام بالتجزئة القانونية للعقد.


غير أن هذه الأخيرة يتعطل مفعولها كلما تعلق الأمر بالعقود الجارية، حيث نص المشرع على عدم إمكانية تجزئتها بمجرد فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية على الرغم من أي مقتضى قانوني حسب الفقرة الأخيرة من المادة 573 من مدونة التجارة.


ورغبة من المشرع في تأمين استمرار نشاط المقاولة، وجعلها فوق كل اعتبار - الرغبات الفردية لأطراف العلاقة التعاقدية- سعى إلى حماية العقد من خلال تعطيل قاعدة التجزئة القانونية التي من الممكن الإتفاق عليها قبل فتح مسطرة المعالجة، وذلك عن طريق منع المتعاقد مع المقاولة من استعمال حقه في الدفع بعدم التنفيذ أو ما يعرف بالتجزئة القانونية للإلتزام بسبب إخلال المقاولة بالتزاماتها السابقة على صدور حكم التسوية القضائية.


 ونستخلص من الفقرة الثانية من المادة 573 من مدونة التجارة أن المشرع أولى اهتماما خاصا للمقاولة على حساب المتعاقدين معها بمن فيهم أصحاب العقود الجارية، حيث لم يخول لهم حق تجزئة العقد، أو مطالبة المقاولة بتنفيذ ماعليها من التزامات، وإنما فقط منحهم حق التصريح بديونهم في قائمة الخصوم.


ويمكن تبرير هذه القاعدة برغبة المشرع في إنقاذ المقاولة عبر على شبكة العلاقات التعاقدية وذلك لن يتحقق إلا بإقصاء جميع مسببات التجزئة الحفاظ التي من شأنها مساعدة الدائن على التحلل من الإبقاء على العقد الذي يربطه بالمقاولة، وعلى هذا الأساس جعل هذه القاعدة بدورها من النظام العام ولقد اعتمدت المادة 37 المطابقة للمادة 573 من مدونة التجارة في إقرار مبدأ عدم تجزئة العقد.


على اجتهاد محكمة النقض الفرنسية الذي رفض الدفع الذي كان يحتج به الدائنون الرامي إلى ربط استمرارية العقود الجارية بالأداء الكامل لمؤخر ديونهم الناشئة قبل الحكم، تهربا من قاعدة المساواة بين الدائنين فكان لهذا الإجتهاد أثر على إقرار مبداً عدم تجزئة العقد.


وإذا كانت المقتضيات القانونية والشروط أو الإتفاقات التي تقضي بعدم تجزئة الإلتزام نتيجة للحُكم بالتسوية القضائية تعتبر باطلة وكأن لم تكن لكونها تعرقل مسطرة التصحيح، ومخالفة للنظام العام ولكونها تهدد المقاولة المفتوحة في وجهها مسطرة التسوية القضائية بفشل هذه المسطرة وبالتالي إضعاف الذمة المالية للمقاولة والزيادة في عدد خصومها.


فهل لذات الأسباب قضى المشرع بتعطيل فسخ العقد الجاري، أم أن هناك معايير أخرى اعتمدها في هذا الباب؟


المبحث الثاني : تعطيل المقتضيات القانونية والإتفاقية الفاسخة للعقد


إذا كانت القواعد العامة للتعاقد تجيز فسخ العقد بسبب إخلال أحد المتعاقدين بالتزامه إما بقوة القانون أو بناء على شرط مضمن في العقد, فإن هذه المقتضيات تتعطل بفعل نظام صعوبات المقاولة إذ بمجرد فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية، يسقط حق المتعاقد في المطالبة بفسخ العقد بناء على إعمال الشرط الفاسخ المضمن بالعقد (المطلب الأول), كما يتعطل مفعول الفسخ القانوني للعقد الجاري. وبالتالي فإذا نص أي مقتضى قانوني على فسخ العقد الجاري بمجرد فتح مسطرة المعالجة عد كأن لم يكن (المطلب الثاني).


المطلب الأول : تعطيل سبب الفسخ الإتفاقي للعقد الجاري


تشير الفقرة الرابعة من المادة 573 من مدونة التجارة إلى مصطلح الفسخ والإلغاء. تقصد الفسخ بقوة القانون بناء على شرط فاسخ صريح في العقد لمجرد حكم وهي التسوية أو التصفية القضائية.


وبعد ويعرف الشرط الفاسخ، أو الفسخ الإتفاقي بأنه : "اتفاق الأطراف مسبقا على أن يكون العقد مفسوخا تلقائيا أو بقوة القانون عند الإخلال بالإلتزامات الناشئة عنه أو لمجرد فتح التسوية أو التصفية القضائية في مواجهة أحد أطراف العقد".


ويعد هذا الشرط - الفسخ الإتفاقي - الأكثر استهلاكا خاصة من قبل بعض المؤسسات بإعتباره حق أقره المشرع الأطراف العقد (الدائن) من أجل استعماله كوسيلة ضغط لحماية مصالحه كلما تهاون الطرف الآخر في تنفيذ ما التزم به، إذ يعد العقد مفسوخا كلما كان المدين في حالة مطل.


غير أن هذا الحق أضحى يستعمل في شتى المجالات, فمثلا في عقود الإئتمان الإيجاري نجد المادة 433 أقرت مايلي : " تنص عقود الإئتمان الإيجاري تحت طائلة البطلان على الشروط التي يمكن فيها فسخها".


وبالرجوع لبعض نماذج عقود شركات الإئتمان الإيجاري، وخاصة الفصل 15 من الشروط العامة لشركة سوجيليز "المغرب" نجدها تنص على فسخ العقد بمجرد خضوع المستأجر للتسوية أو التصفية القضائية، ونفس الشيء إذا كان للمستأجر شركة وتم حلها أو تصفيتها .


وحتى لايتم الإفراط في استعمال هذا الحق - الفسخ الإتفاقي - بادر المشرع إلى تعطيله بمقتضى نص أمر لايجوز الإتفاق على مخالفته وذلك حينما قضى في الفقرة الأخيرة من المادة 573 من مدونة التجارة "لايترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية فسخ العقد، على الرغم من أي شرط تعاقدي."


وبذلك لم يعد مجديا للمتعاقد مع المقاولة، لإتقاء مخاطر فتح مسطرة أحد التسوية أو التصفية القضائية، تضمين العقد شرط يقضي بفسخه لمجرد صدور هذه المساطر، لكون الفسخ المتفق عليه يصبح موقوف الأثر.


وتعتقد إحدى الأراء الفقهية الفرنسية بأن مقتضيات الفقرة الخامسة من المادة 37 المطابقة للفقرة الرابعة من المادة 573 من مدونة التجارة لا تفقد هذا النوع من الشروط كل فعاليتها، مادام أن هذه الفقرة لا تشير إلى بطلان تلك الشروط وإنما يمكن تطبيق الشرط الفاسخ للعقد في حال عدم مواصلة السنديك تنفيذ العقد. فتفسر تلك الشروط وكأنها تقضي بفسخ العقد في مثل هذه الحالة.


غير أن هذا الرأي لم يتعد تأييد صاحبه فانتقده الفقه المغربي بقوله: وإن كانت الفقرة الرابعة من المادة 573 لا تشير صراحة إلى بطلان تلك الشروط إلا أنها تعتبرها عديمة الآثر، أما تفسير تلك الشروط بما قال به الفقه الفرنسي، فإن الأمر غير ذلك لكون المادة 573 كانت صريحة بنصها على أن العقد يفسخ بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب لمدة تفوق شهر وبذلك فإن هذه الشروط تكون دون أهمية حتى في حال عدم مواصلة العقد من قبل السنديك، بل الأكثر من ذلك أن الفسخ يكون بقوة القانون في مثل هذه الحالة بالنسبة للمتعاقدين مع المقاولة والذين لم يضمنوا عقودهم الشرط الفاسخ.


وإذا كانت المادة 573. . من مدونة التجارة تمنع الفسخ الإتفاقي من إنتاج أثاره بمجرد صدور حكم التسوية أو التصفية القضائية، فإنه كلما تحقق سبب الفسخ قبل فتح المسطرة، كان الفسخ الواقع بمقتضى اتفاق الأطراف منتجا لآثاره ودون حاجة إلى حكم من المحكمة لتقريره بل لا يحتاج حتى إلى توجيه إنذار إلى الدائن.


وهذا ما أكدته محكمة النقض الفرنسية حينما صرحت بأن الفسخ المكتسب قبل الحكم بفتح المسطرة لوجود شرط فاسخ ، لا يمكن أن يرجا لسبب ما سيما في مثل هذه الحالة، وأن الفصل 47 من قانون 25 يناير 1985 - المقابل المادة 653 م.ت - لا يمكنه سوى أن يمنح إجراءات تنفيذ الفسخ، إلا إذ كانت تشكل طريقا للتنفيذ على المنقول أو العقار وهو ما يوافق الفقرة الرابعة من المادة 653 التي تنص على أنه : "كما يوقف الحكم ويمنع كل إجراء للتنفيذ يقيمه هؤلاء سواء على المنقولات أو العقارات".


المطلب الثاني : تعطيل الفسخ القانوني للعقد الجاري التنفيذ


تطبيقا للنظرية العامة للإلتزام يمكن فسخ العقد كلما كان المدين في حالة مطل. وهذا ما نص عليه الفصل 259 قلع حيث جاء فيه "إذا كان المدين في حالة مطل... جاز للدائن أن يطلب فسخ العقد... ".


وسبق القول أن فسخ العقد خارج نطاق قانون صعوبات المقاولة لايحتاج إلى توجيه إنذار، ولاحتى اللجوء إلى القاضي للفصل في النزاع، وحتى لو حدث ذلك، فإن عمل القاضي يقتصر هنا على التنفيذ أصبح مستحيلا ، فإذا تحقق من ذلك يثبت وقوع الفسخ بقوة التأكد من القانون.


غير أن إمكانية الفسخ هاته الممنوحة للدائن، حكم عليها بوقف التنفيذ بمجرد صدور فتح مسطرة التسوية القضائية، هذا ما أقرته الفقرة الرابعة من المادة 573 من مدونة التجارة  بقولها : لايمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية ..... فسخ العقد على الرغم من أي مقتضى قانوني."


وفي ظل هذا التعطيل طرح النقاش على أساس عقد الشركة وعقد الحساب بالإطلاع.


1- ففيما يتعلق بعقد الشركة : نجد أن القاعدة المقررة في شركات الأشخاص - في ظل النظام السابق - أن إفلاس أحد الشركاء يؤدي إلى حل الشركة من حيث المبدأ.


غير أن تطبيق هذه القاعدة في ظل قانون صعوبات المقاولة، سيؤدي عند صدور حكم التسوية القضائية إلى توقف نشاط الشركة واندثارها وهو ما يتعرض مع ما يروم المشرع إلى تحقيقه من خلال مسطرة المعالجة، لذلك نجد المشرع تراجع عن هذه القاعدة نسبيا حينما نص في المادة 18 من قانون الشركات : تحل الشركة إذا صدر حكم على أحد الشركاء بالتصفية القضائية".


مما يعني أن فتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة أحد الشركاء، لاتؤدي إلى حل الشركة. كشركة المحاصة على سبسل المثال وإنما تستمر في نشاطها بقوة القانون, في حين أن فتح مسطرة التصفية القضائية في وجه الشريك المتضامن تؤدي إلى حل الشركة مالم يقرر الشركاء إستمرارها بالإجماع وبمقتضى النظام الأساسي.


فبعد هذا التعديل لم يعد الإشكال مطروحا بخصوص تعارض المادة 18 من قانون الشركات شركة التضامن على وجه التحديد مع المادة 573 من مدونة التجارة غير أن الإشكال يظل قائما إلى اليوم بالنسبة لشركة التوصية، حيث نجد المشرع المغربي - إسوة بنظيره الفرنسي - على خلاف ما قضى به في شركة التضامن نص في المادة 30 من قانون رقم 96-5 "تحل شركة التوصية البسيطة حالة التسوية القضائية لأحد الشركاء المتضامنين".


وهو ما يثير التساؤل حول مامدى إمكانية تعطيل هذه المادة بمقتضى الفقرة الرابعة من المادة 573 من مدونة التجارة؟


    انقسم الفقه الفرنسي بخصوص هذا الإشكال إلى فريقين :


  • فيرى الفريق الأول : بأن هذه الإزدواجية في الحلول ما بين شركة التضامن وشركة التوصية جاءت نتيجة لسهو تشريعي ومع ذلك - يرى هذا الفريق - فمن غير المعقول أن تعطل مقتضيات الفصل 37 - المقابلة للمادة -573 مقتضيات الفصل 230 - المطابقة للمادة 30 من قانون رقم -56 غير أنه اتجاه ضعيف.


  • في حين يرى الفريق الثاني : بتعطيل تلك المقتضيات مادام أن الشركاء المتضامين في شركة التوصية البسيطة لهم نفس الوضعية القانونية لشركاء المتضامنين.


وهو اتجاه جدير بالتأييد ذلك أن مقتضيات المادة 573 من النظام العام، وتقضي بتعطيل كل مقتضى قانوني جاء مخالف لها وما على المشرع إلا أن يبادر إلى إصلاح هذا السهو مستفيدا من التعديل الذي ألحقه بالمادة 18 من قانون شركات التضامن وآخذا بعين الإعتبار المادة 573 من مدونة التجارة.


2- أما فيما يتعلق بعقد الحساب بالإطلاع : نجد أن القاعدة المقررة في المادة 503 من مدونة التجارة توحي بفسخ عقد الحساب بالإطلاع كلما كانت وضعية المقاولة مختلفة حيث تقضي هذه المادة في فقرتها الثانية: " يقفل الحساب - الحساب بالإطلاع بالتسوية أوالتصفية القضائية للزبون". وهذا ما يتعارض مع مبدأ العقود الجارية.


ففي مثل هذه الحالة بأي مقتضى يمكن الأخذ به هل بالمادة 503 من مدونة التجارة التي جاءت صريحة بوضع حد لعقد الحساب بالإطلاع أم تطبيق الفقرة الرابعة من المادة 573 م.ت على اعتبار مقتضياتها من النظام العام؟


يقتضي المنطق تعطيل الفسخ القانوني الوارد في المادة 503 من مدونة التجارة وذلك لكون العقود الجارية بما فيها عقد الحساب بالإطلاع يستمر بعد فتح مسطرة التسوية القضائية بقوة القانون عكس مسطرة التصفية التي تقتضي لإستمرارية هذه العقود .عقد الحساب بالإطلاع - ترخيص من المحكمة، حيث يمكن إعمال المادة 503 خلال هذه المرحلة, في حين يمكن الجزم بأن مقتضيات المادة 503 يتم تعطيلها خلال فترة التسوية القضائية.


وذلك بالإستناد لمقتضيات المادة 577 من مدونة التجارة. والتي تقضي بأن الحساب يظل مفتوحا لإستمرار استغلال المقاولة، حيث يبقى للسنديك الحق في استعمال حسابات المقاولة البنكية في أي وقت رأى في ذلك مصلحة للمقاولة, وما يؤكد هذا الطرح الأمر القضائي الصادر عن القاضي المنتدب، والذي جاء في حيثياته: " أن السنديك طلب حساب بنكي جديد لشركة "م" بالبنك المغربي للتجارة والصناعة واستنادا للمادة 577 من مدونة التجارة.


ومراعاة لحسن سير المسطرة أصدرت المحكمة موافقتها بفتح الحساب البنكي ونحن نؤيد الأمر الصادر في هذا الموضوع، بإعتباره يتماشى مع مبدأ استمرار المقاولة، ومن المنطقي لتحقيق ذلك الإستمرار في تشغيل الحساب الجاري للمقاولة الموضوعة في التسوية القضائية ".


بل الأكثر من ذلك أن المادة 593 من مدونة التجارة تعطي الحق للمقاولة المتعثرة في تشغيل حساباتها ولو كانت موضوع منع بنكي بمجرد اعتماد مخطط التسوية يتم تعطيل أثر المنع الذي لحق حسابات المقاولة نتيجة وقائع سابقة لحكم فتح التسوية.


يتبين من جملة ماسبق أن المشرع حينما جعل مقتضيات الفقرة الرابعة من المادة 573 من النظام العام، كان ذلك بهدف الحفاظ على المقاولة وجعلها فوق كل اعتبار مخافة تقهقر وضعيتها بفعل كثرة التجزئة للإلتزامات التعاقدية أو الإسراع إلى فسخ العقود بدافع تخلف المقاولة عن الوفاء بالتزاماتها السابقة أو نتيجة إخلال الوضعية المالية للمدين.


لدى كان لزاما تطبيق الفقرة الرابعة من المادة 573 من مدونة التجارة بإعتبارها قاعدة آمرة لا يجوز الإتفاق على مخالفتها، وهذا ماجعل من تطبيق هذه القاعدة منح خصوصية مميزة للعقود الجارية، وهي عدم قابلية هذه العقود للتحزنة أو الفسخ بل استمراريتها رغم كل مقتضى مخالف لها.


وجعل قابلية تجزئة أو فسخ العقد بيد السنديك وحده بإعتباره المتحكم في مصير هذه العقود دون ان يقف الطابع الشخصي لبعض العقود عائقا في وجهه يمنعه من تحديد مصيرها.

إنتهى.
إذا وصلت لآخر الموضوع لاتنسى ترك تعليقا يحفزنا على المواصلة أكثر.

تعليقات

التنقل السريع