القائمة الرئيسية

الصفحات

المحاكم المالية بالمغرب | ماهي إختصاصات المجالس الجهوية للحسابات؟ ودرها في حماية المال العام

ماهي إختصاصات المجالس الجهوية للحسابات
المحاكم المالية بالمغرب


إختصاصات المجالس الجهوية للحسابات ودورها في حماية المال العام


تطرقت مدونة المحاكم المالية لإختصاصات المجالس الجهوية للحسابات في مواد متفرقة منها. على أنها أفردت المادة 117 والمادة 118 للإشارة باختصار إلى الاختصاصات التي أوكلها المشرع لهذه المجالس، وهكذا ورد في المادة 117 أن المجالس تنظر في مراقبة حسابات الجماعات الترابية وهيآتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها. أما المادة 118 فتطرقت بشكل عام إلى اختصاصات المجالس قبل أن يقوم المشرع بتفصيل كل اختصاص حسب أهميته في فصول لاحقة.

أولا : التدقيق والبت في الحسابات

على غرار ما يقوم به المجلس الأعلى للحسابات في ما له علاقة بالحسابات على المستوى الوطني، تضطلع المجالس الجهوية للحسابات محليا أي في حدود اختصاصها الترابي أو المكاني بالنظر والتحقيق والتدقيق في حسابات الجماعات المحلية وهياتها وكذا حسابات المؤسسات العمومية والمقاولات التي تملك رأسمالها كليا أو جزئيا جماعات محلية أو مؤسسات تابعة لها من حيث الوصاية شريطة أن تتوفر على محاسب عمومي. وجدير بالذكر أن الجماعات المحلية تشمل كما نص على ذلك الدستور المراجع سنة 1996، الجماعات الحضرية والجماعات القروية والعمالات والأقاليم، والجهات. ومن ثم، للمجالس الجهوية للحسابات القيام بالتدقيق في حسابات الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والهيآت التابعة للجماعات الترابية أو الخاضعة لوصايتها. وتتم المراقبة بضرورة إرسال المحاسبين العموميين بالجماعات الترابية وهياتها لتقارير سنوية إلى المجلس الجهوي. كما يجب على المحاسبون بالأجهزة الأخرى التي تخضع لرقابة المجلس الجهوي للحسابات بتقديم تقرير أو بيان بيان محاسبي سنوي عن عمليات المداخيل والنفقات وعمليات الصندوق الذي يتولون تنفيذها إلى المجلس. حسب المادة (126 من مدونة المحاكم المالية).

ثانيا : مراقبة التسيير ومراقبة استعمال الأموال العمومية

يميز في هذا الاختصاص بين مراقبة التسيير ومراقبة استعمال الأموال العمومية. فأما مراقبة التسيير فلا تتم إلا وفقا للعديد من الشروط منها على وجه الخصوص أن يتعلق الأمر بالجماعات الترابية أو بهياتها التي تدخل مكانيا في اختصاص المجلس الجهوي للحسابات. ومن المؤسسات التي تخضع للمراقبة في التسيير المقاولة المخولة الامتياز في مرفق عام محلي أو المعهود إليها بتسييره، وكذا المقاولات والشركات التي تملك فيها الجماعات الترابية أو إحدى هيآتها أو المؤسسات العمومية الجهوية والجماعية أغلبية الأسهم في الرأسمال أو لها سلطة مرجحة في اتخاذ القرار. وتشمل المراقبة على التسيير جميع أوجه التسيير ومشروعية وصدق العمليات التي تم إنجازها، وكذا حقيقة الخدمات المقدمة والتوريدات المسلمة والأشغال المنجزة.إلى جانب ما سبق يراقب المجلس مدى قدرة الأنظمة والإجراءات المطبقة على ضمان تسيير أمثل لمواردها وكيفية استخدامها، وحماية ممتلكاتها. ويجوز أن تمتد المراقبة ايضا إلى تقييم المشاريع المقدمة من قبل الاجهزة الخاضعة للمراقبة حتى يتمكن المجلس من التوصل إلى معرفة مدى بلوغ الأهداف المسطرة بناء على الوسائل والإمكانات المتاحة.

أما ما يتعلق بمراقبة استعمال الاموال العمومية، فتقع على المقاولات التي لا تملك فيها الجماعات الترابية أو هيأتها أغلبية أسهمها . وعلى الجمعيات وكل الأجهزة الأخرى تستفيد من مساهمة في الراسمال أو من مساعدة كيفما كان شكلها من طرف جماعة محلية أو هياتها أو أي جهاز اخر يخضع لرقابة المجلس الجهوي للحسابات التي وحسب المادة 155 من مدونة المحاكم المالية على الأجهزة الخاضعة لمراقبة استخدام الأموال العمومية أن تقدم للمجلس الجهوي الحسابات المتعلقة باستخدام الأموال المتلقاة من أجهزة عمومية. وانطلاقا من الفقرة الثانية من المادة 154 من نفس المدونة فإن هذه المراقبة تهدف إلى: «التأكد من أن استخدام الأموال العمومية التي تم تلقيها يطابق الأهداف المتوخاة من المساهمة أو المساعدة». وعلى الرغم من أن المواد المنظمة لهذا النوع من المراقبة حاولت أن تميز بشكل يروم الوضوح بينها وبين مراقبة التسيير المنصوص عليها في ذات المواد، فإن التطبيق العملي يثير عددا من الإشكالات خصوصا في تحديد نطاق المراقبة المتعلقة باستخدام الأموال العمومية سيما وأن الفقرة الثانية من المادة 156 تنص على أنه : «يؤهل المستشارون للاطلاع على كافة الوثائق والمستندات المثبتة الكفيلة بتزويدهم بمعلومات حول تسيير هذه الأجهزة». والدليل على وجود هذه الإشكالات أن بعضا من المستشارين المكلفين بمراقبة استخدام الأموال العمومية يلتزمون بالتفسير الحرفي وأحيانا الواسع للفقرة المشار إليها أعلاه، إذ يتدخلون في تسيير الأجهزة الخاضعة لهذه المراقبة رغم أن الهدف منها هو التدقيق في الالتزام بالاوجه التي عينت لها الأموال المتلقاة. وسندهم في ذلك أن المشرع يعطيهم إمكانية الاطلاع على الوثائق والمستندات الكفيلة بتزويدهم بمعلومات حول التسيير.


لكن الذي يتعين الانتباه إليه أنه رغم أن المشرع منح المستشارين المراقبين هذه الصلاحية في الاطلاع على المستندات إلا أن الغاية ليست هي مراقبة التسيير وإنما الوصول من خلال الوثائق المتوصل بها والمتحصل عليها إلى معرفة مسار الأموال التي تم الحصول عليها من الجماعات الترابية أو هيأتها أو الأجهزة الأخرى الخاضعة المراقبة المجلس الجهوي للحسابات.


وأيا كان الأمر ، ورفعا لكل لبس وإبهام وإمكانية القيام بتأويل غير سليم للنصوص القانونية حبذا لو قام المشرع بتعديل هذه الفقرة بحذف عبارة الحصول على معلومات خاصة بالتسيير، وذلك حتى يتحقق التمييز فعليا بين مراقبة التسيير ومراقبة استخدام الأموال العمومية.

ثالثا : التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية

يدخل هذا الاختصاص في المجال القضائي للمجلس الجهوي للحسابات. وقد نصت عليه المواد 136 إلى 141 من مدونة المحاكم المالية ومفاد هذا الاختصاص أن المحاسبين العموميين وكل الأشخاص الذين يعدون في حكمهم والملزمين بالقواعد المنصوص عليها في هذه المدونة يتعرضون لجزاءات على عدم التزامهم بالأحكام المقررة في مدونة المحاكم المالية. وتنطلق القضية بقيام وكيل الملك لدى المجلس تلقائيا أو بناء على طلب من الرئيس أو استنادا إلى التقارير التي أنجزت في إطار الرقابة والتفتيش. وتكون الأحكام الصادرة تأديبيا في حق المخالفين قابلة للاستئناف داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ إما من طرف المحكوم عليه، أو من طرف وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية. وقد أحالت مدونة المحاكم المالية على مقتضيات قانون المسطرة المدنية في ما يتعلق بعريضة الاستئناف خاصة على الفصلين 141 و 142 مع استثناء الفقرة الثالثة من هذا الأخير. ومع أن المدونة أحالت على قانون المسطرة المدنية فإن للاستئناف أمام المحاكم المالية بعض الخصوصيات منها :
  • على خلاف ما هو معمول به في المادة المدنية، يوقف الطعن بالاستئناف تنفيذ الحكم القاضي بتأديب المخالف. وهذا أمر طبيعي بالنظر إلى الحكم الصادر ضد المخاف لقانون المحاكم المالية المتميز بطابعه التأديبي الأقرب إلى الطابع الزجري والجنائي. وكما هو متعارف عليه فطرق الطعن في المادة الزجرية موقفة للتنفيذ حماية لحرية الشخص.
  • يمكن الطعن في الأحكام الصادرة عن المحاكم المالية في مادة التأديب رغم فوات أجل الاستئناف المحدد في ثلاثين يوما من التبليغ، بواسطة طلب المراجعة شريطة اكتشاف عنصر جديد في القضية. وينبغي أن نشير إلى أن مكنة ممارسة حق المراجعة ممنوحة أيضا لوكيل الملك بالمجلس الجهوي يباشره بصفة تلقائية أو بإيعاز من وزير الداخلية أو من وزير المالية.
  • وحدد المشرع أجلا طويلا لممارسة المراجعة، فهو حسب المادة 141 من مدونة المحاكم المالية عشر سنوات ينطلق من تاريخ تبليغ حكم المجلس الجهوي. على الأجل متى تعلق الأمر بتقديمه لغير صالح المعني بالأمر إذ لا يتجاوز والحالة هذه أربع أنه يقصر سنوات.

ونعتقد أن المشرع كان حكيما في هذه المقتضيات وكان أحرص على حماية حقوق وحريات الذين قد يقعون في مثل هذه الهفوات والمخالفات.

تعليقات

التنقل السريع