القائمة الرئيسية

الصفحات

الإلتزامات المتبادلة بين الأجير والمشغل -الجزء الثاني-


إلتزامات الأجير الناتجة عن عقد الشغل الفردي

يلتزم الأجير تجاه مشغله بعدة التزامات، منها التزامات الأجير اثناء تنفيذ عقد الشغل (المطلب الاول) والتزامات الأجير بمناسبة عقد الشغل (المطلب الثاني).

المطلب الاول: التزامات الأجير اثناء تنفيذ عقد الشغل

من بين التزامات الأجير اثناء تنفيذ عقد الشغل، احترام تعليمات المشغل وكذا أداء العمل المتفق عليه والمحافظة على الاشياء التي تسلم إليه بمناسبة الشغل.

الفقرة الأولى: احترام تعليمات المشغل وأداء العمل المتفق عليه

احترام تعليمات المشغل: يعتبر التزام الأجير تعليمات المشغل نتيجة طبيعة لعنصر التبعية، كأحد أهم العناصر المميزة لعقد الشغل. ويقتضي هذا الالتزام خضوع الأجير لإدارة وإشراف وتوجيه ومراقبة المشغل وطاعة أوامره.

ويجوز للمشغل أن يرتب الجزاء المناسب على الأجير الذي لم يراعي تعليماته، أو الذي خالف أوامره إذا كانت صريحة وغير مخالفة للنصوص القانونية والتنظيمية، أو بنود عقود الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي بالإضافة إلى غياب مبرر مشروع لعدم احترامها. ثم لا يجب أن نعرض الأوامر والتعليمات صحة الأجير البدنية أو الفنية أو الفكرية لخطر مؤكد.

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي عدم مراعات الأجير للتعليمات اللازمة لحفظ السلامة في الشغل وسلامة المؤسسة بمثابة خطأ جسيم يسوغ من خلالها للمشغل فصل الأجير عن العمل إذا ترتبت عنها خسارة جسيمةأداء العمل المتفق عليه: إن الالتزام بأداء العمل المتفق عليه، يعد الالتزام الرئيسي الذي يرتبه عقد الشغل على عاتق الأجير، ويتمثل مضمون هذا الالتزام في أن يؤدي الأجير العمل المتفق عليه في عقد الشغل الفردي، بحيث يتم الرجوع في تحديد نوع العمل ومداه إلى العقد نفسه، فإن لم يوجد اتفاق صريح أو ضمني، أمكن الرجوع إلى النظام الداخلي للمؤسسة أو العرف والعادات المتبعة في نفس العمل الذي يقوم به الأجير.

كما يترتب عن هذا الالتزام أيضا أن يؤدي الأجير الشغل بنفسه ولا يحق له الاستعانة بأجير آخر في تنفيذ عمله، أو أن يحل محله غيره في أدائه دون موافقة المشغل على اعتبار أن صفة الأجير وكفاءته وشخصيته هي ذات اعتبار عند ابرام عقد الشغل، على خلاف المشغل الذي لا يؤثر تغيير مركزه القانوني على استقرار عقود الشغل.

إلى جانب ذلك يجب على الأجير أن يؤدي عمله المتفق عليه بحسن نية سواء اثناء تنفيذه أو توقفه، على غرار باقي العقود بصفة عامة. كما يجب عليه وهو بصدد قيامه بعمله أن يبذل عناية الشخص المعتاد تحت طائلة المسؤولية الشخصية عن أن فعل من أفعاله أو اهماله أو تقصيره أو عدم احتياطه. وفي هذا الصدد اعتبر المشرع المغربي بمثابة خطأ جسيم رفض الأجير إنجاز شغل من اختصاصه عمدا وبدون مبرر وعنده يسوغ للمشغل فصل الأجير عن العمل بدون أي تعويض.

وتجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز للمشغل تكليف الأجير بأداء شغل آخر غير الشغل المتفق عليه أصلا في العقد إلا في حالتين على سبيل الاستناد.

                1. تتعلق بحالة الضرورة أو القوة القاهرة كمنع وقوع حادثة أو إصلاح أضرار (الناتجة عن الحريق مثلا وتكليف الأجير بالإطفاء والتنظيف) ويكون هذا التغير بالقدر والوقت الازمين لمواجهة تلك الظروف الطارئة أو القيام بالإصلاحات الضرورية، جاء في أحد قرارات محكمة النقض ما يلي: "تغيير عمل الأجير اضطرارا وبصفة مؤقتة لا يعد تغييرا في العقد".

وتعذر قيام الأجير بعمله الاصلي وتكليفه من طرف المشغل بعمل بديل في انتظار القيام بإصلاحات في المؤسسة لا يعد تغييرا في عقد العمل من طرف المشغل، ورفض الأجير القيام بما اسند إليه من عمل بصفة مؤقتة يعد مغادرة تلقائية من طرفه.

                2. أما الحالة الثانية فتتعلق بحالة عدم الاختلاف الجوهري في العمل ويكون التغيير هنا بصفة دائمة وليس مؤقتة، وذلك استنادا إلى سلطة المشغل في تنظيم شغله بالقدر الذي يتفق بمصلحته، وتقدير ما إذا كان التغير أمرا جوهريا من عدمه هي مسألة واقع يقدرها قاضي الموضوع بحسب ظروف كل حالة.

الفقرة الثانية : المحافظة على الاشياء المسلمة للأجير بمناسبة الشغل

يجب على الأجير أن يحافظ على الاشياء المتعلقة بتنفيذ العمل، ويشمل الالتزام كل ما يوجد تحت يده من أشياء تتعلق بالعمل، يستوي في ذلك الاشياء والأدوات التي تسلم إليه ليعمل بها أو المواد الأولية التي عهدت إليه لتصنيعها، أو حتى المواد الأولية التي تظل في حراسته. ويلتزم بردها سلم له بعد التنفيذ أو بعد نهاية العمل حسب الأحوال. وهو ما نصت عليه المادة 22 من مدونة الشغل بقواها "يجب على الأجير المحافظة على الاشياء والوسائل المسلمة إليه للقيام بالشغل، مع ردها اثناء انتهاء الشغل الذي كلف به " وعليه يسأل الأجير عن ضياع الاشياء والوسائل السالفة الذكر وتلفها. إذا تبين للقاضي بماله من سلطة تقديرية أن الضياع أو التلف ناتج عن خطأ الأجير واستعمال هذه الاشياء في غير الشغل المعد له، أو خارج أوقات العمل.

وفي هذا الصدد جاء في قرار المجلس الاعلى سابقا (محكمة النقض حاليا) ما يلي:" لكن حيث إن الطاعنة أقرب استعماله هاتف المحصلة الخاصة كسائر العمال دون اثبات لماذا يسمح له بذلك، لان الاصل ان ادوات العمل تستعمل فقط اثناء العمل ولفائدة المشغل واما استعمالها للمصلحة الشخصية ترخيص يجعل الطرد الذي تعرض له الاجير مبررا ولا مجال لوجود اي طرد تعسفي"

وجدير بالذكر ان التزام الاجير بالمحافظة على الأشياء التي تسلم اليه ما هو إلا تطبيق لمبدأ حسن النية في تنفيذ عقد الشغل.

 

 المطلب الثاني: التزامات الاجير بمناسبة عقد الشغل

 تشمل التزامات الاجير بمناسبة عقد الشغل كل من احتفظ بأسرار الشغل أي عدم افشاء السر المهني (الفقرة الاولى) ثم عدم منافسه المشغل واطلاع المشغل على العنوان الجديد للأجير (الفقرة الثانية)

 الفقرة الاولى: احتفاظ بأسرار الشغل

 يقتضي حسن النية في تنفيذ عقد الشغل ايام الاجير بالاحتفاظ على اسرار الشغل وعدم افشاء الوسائل والمعلومات الخاصة التي اطلع عليها بمناسبه الشغل لاسيما وأن المشرع المغربي اعتبر افشاء السر المهني ناتج عنه ضرر للمقاولة بمثابة خطا جسيم.  يمكن معه فصل الاجير بدون اي تعويض، الى ذلك لا يتحمل الاجير فقط المسؤولية المدنية عند اسرار الشغل بل ايضا المسؤولية الجنائية عندما يتعلق الامر بالمقاولات ذات الطابع الصناعي. نظرا لأهمية هذا القطاع وما يتصل به من اسرار تقتضي حمايتها الانتشار لمصلحه الاقتصاد الوطني

كما ان التزام الاجير بعدم إفشاء السر المهني لا يقتصر فقط عند تنفيذ عقد الشغل، بل يلتزم به حتى بعد انتهائه، مادام ان هده للمعلومات التي تواصل إليها بسبب الشغل محتفظة بصفة السرية والخفاء، اي وقفا على الشغل وحده او تابعيه، اما إذا صارت تلك الاسرار منتشرة ومعروفة، فلا حكمة من استمرار بقاء الاجير ملتزما بعدم إفشائها.

الفقرة الثانية: عدم منافسة المشغل واطلاعه على العنوان الجديد للأجير

عدم منافسة المشغل إذا كان الاجير ملتزما بالحفاظ على اسرار الشغل قانونا، فإن التزامه بعدم منافسة مشغله هو التزام اتفاقي مصدره العقد، يلجأ اليه رب العمل كشرط لحماية مقاولته من منافسة له لذا ينتابنا التساؤل حول مدى صحة الشرط او الاتفاق الذي يقضي بعدم منافسة الاجير للمشغل بصفة خاصة بعد انقضاء عقد الشغل؟

الحقيقة ان مثل هذا الشرط يمتل مساسا بحرية العمل، وهناك اجماع على بطلان هذا الشرط إذا اورد بصورة عامة ومطلقة.  لذلك تدخلت التشريعات لتنظيم شرط عدم المنافسة وإجازته بالقدر الذي يوازن بين حرية العمل والمصالح المشروعة للمشغل، ووضعت عدة ضوابط وقيود لصحته.

فشرط عدم منافسة الاجير المشغل يجب ان لا يكون مطلقا بل يجب ألا يكون محددا من حيث الزمان والمكان ونوع العمل حماية للحرية التعاقدية مع مقتضيات الفصل109 من ظهير الالتزامات والعقود الذي جاء فيه " كل شرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل انسان كحق الانسان في أن يتزوج وحقه في أن يباشر حقوقه المدنية يكون باطلا ويؤدي الى بطلان الالتزام الذي يعلق عليه ولا يطلق هذا الحكم هل الحالة التي يمنع فيها أحد الطرفين نفسه من مباشرة حرفة معينة خلال وقت وفي منطقة محددين"

  • إطلاع مشغل على العنوان الجديد للأجير:

من بين الالتزامات القانونية الملقاة على عاتق الاجير عند تغير محل إقامته اخبار المشغل بعنوانه الجديد، حين ألزمت مدونة الشغل الاجير بذلك في الفقرة الاخيرة في المادة. ويعتبر هذا الالتزام ضروريا على اعتبار ان المشرع قد يحتاج في بعض الحالات الى مراسلة الاجير. كما هو الشاعر الشأن بالنسبة للمادة 63 من مدونة التي نصت على تسليم مقرر العقوبات التأديبية الواردة في المادة 37 من نفس المدونة، او مقرر الفصل الى الاجير اما يدا بيد مقابل وصل او بواسطة رسالة مضمونة، مع الاشعار بالتوصل اجل 48 ساعة من تاريخ اتخاذ المقرر المذكور.

تعليقات

التنقل السريع